الملك فهد إلي رحمة الله

 

 

الصحافة العالمية ترصد الحدث الكبير وتؤكد : أحلام السعوديين لم تمت

فالملك عبد الله سيكمل المشوار بنجاح تامّ

 

 

 

إعداد : التحرير

 

وكالات الأنباء – العواصم

     واصلت الصحف العربية والأجنبية التعبير عن حزن الأمة العربية بفقيدها العظيم الراحل، خادم الحرمين الشريفين وعن اهتماماتها بالحدث الجلل الذي فاضت به مشاعر الأسى والحزن التي عمت المملكة والدول الشقيقة والصديقة . ففي لندن أفردت الصحف البريطانية خبر وفاة فقيد الأمة في صدر صفحاتها الأولى، وكتبت تقارير مختلفة عن الفقيد وعن إنجازاته المختلفة، كذلك فعلت الصحف الأميريكية والصينية والاسترالية والعديد من الصحف قامت ومنذ يوم الثلاثاء 27/6/1426هـ بإيفاد عدد كبير من كبار محرريها إلى المملكة لتغطية الحدث وبعض مواقع الصحف العالمية قامت بإعداد تقارير مختلفة عن القائد الراحل وخلفه خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله .. وطوال الساعات الماضية كانت الصحافة العالمية في سباق مع الحدث؛ لكن للصحافة الإليكترونية طعمًا خاصًا؛ حيث كانت الصور تنشر مباشرة في الموقع في محاولة لمحاكاة القنوات الفضائية .

     وتحت عنوان «القائد الذي فتح أبواب التطور دون التخلي عن التقاليد» كتبت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية مقالاً ذكرت فيه سيرة الملك الراحل والكثير من إنجازاته الداخلية والخارجية، وكان أبرز ما كتبته الصحيفة :

     «أعظم إنجازات خادم الحرمين الشريفين، هو تجاوزه كل الضغوط التي مرت بها البلاد؛ حيث كان قادرًا على قيادة بلاده نحو بر الأمان محافظاً على شعبه وقاعدة عائلته الحاكمة .

     وفيما يتعلق بالسياسات الخارجية، كان الملك فهد –يرحمه الله – معتدلاً في سياسته، وكان من الأشخاص الذين ينادون دومًا بأسعار ثابتة ومستقرة للنفط وشهدت العلاقات الأمريكية – السعودية في عهده روابط استراتيجية واقتصادية قوية . وقرار الاستعانة بالقوات الأجنبية لمواجهة أزمة الخليج يعد واحدًا من القرارات الشجاعة التي تحسب لصالح خادم الحرمين الشريفين، وبواسطته نجح في الدفاع عن مصالح البلد الاستراتيجية والاقتصادية .

     ثم بدأت الصحيفة بسرد مشوار الملك فهد حين كان أميرًا شابًا وقالت: «ولم يكن الملك فهد بعيدًا عن الساحات السياسية فقد تم تكليفه بالمشاركة في المؤتمر الدولي لكتابة ميثاق الأمم المتحدة عام 1945م، ووقتها لم يتجاوز عمره 24 عامًا . وحبه لخلق فرص تعليمية وتربوية كان أحد أهم الصفات التي ظهرت منذ البداية وانعكس ذلك بشكل سريع حين تم تعيينه وزيرًا للمعارف في 1953، ثم كوزير للداخلية عام 1962م وهو المنصب الأكثر حساسية؛ حيث تولى مهمة حماية البلاد والنظام العام في فترة صعبة .

     وكملك للبلاد منذ 1982م، قاد خادم الحرمين الشريفين شعبه وبلاده نحو التحديث المدهش والسريع، ونجح في الإبقاء على أسسه الدينية والسياسية والاجتماعية . ونقل البلاد التي كانت قبل اكتشاف البترول في أراضيها واحدة من أفقر بقاع الأرض لتصبح مكانًا تتحقق فيه الأحلام وأرضًا مأهولة بالسكان .

     وأصبح السعوديون أثرياء في فترة حكمه وبفضل سياسته التي تتيح للجميع الاستفادة من خيرات البلاد . ورغم هذا الثراء الكبير، استمر التعليم مجانيًا وكذلك العناية الطبية الشاملة المجانية ايضًا .

     وحين مرت البلاد في أزمة اقتصادية حادة تزامنت مع انخفاض أسعار البترول بشكل فظيع ، واجه الملك فهد تحديًا جديدًا، فقد كان مصرًا على إبقاء أسلوب الحياة لكل السعوديين كما هو . وشجع لتبني استثمارات مختلفة، وروج للصناعات التي قد تنمو لاحقًا لتغني السعوديين عن الاعتماد التام على البترول كدخل للبلاد .

     وبموت هذا القائد ورحيله لم تمت أحلام السعوديين ، فهم واثقون تمامًا من أن الملك عبد الله سيكون قادرًا على إكمال المشوار وبنجاح تام .

تشييع بسيط لجثمان الملك

     تحت عنوان تشييع بسيط للراحل الملك فهد بن عبد العزيز كتبت صحيفة «لوس انجلوس تايمز» الأمريكية الصادرة يوم الأربعاء 18/6/1426هـ قائلة بأن جثمان الملك فهد لف في عباءته البنية اللون وأنزل يوم الثلاثاء إلى قبر لا يحمل أي علامات مميزة حيث اتسمت مراسم الدفن بالبساطة التامة .

     وقد احتشد المئات بما فيهم أمراء وشخصيات إسلامية مرموقة من كافة أرجاء العالم في مسجد الإمام تركي بن عبد الله في الرياض لأداء صلاة الميت على الملك فهد الذي حكم بلاده لمدة ربع قرن تقريبًا، شهدت فيها المملكة نموًا وتطورًا في كافة المجالات .

     وأشارت الصحيفة إلى أن الحياة استمرت كالمعتاد في الرياض باستثناء الحزن العميق الذي خيم عليها؛ حيث أغلقت المتاجر والأسواق أبوابها لفترة وجيزة يوم الثلاثاء، وعادت إلى فتح أبوابها قبل نهاية اليوم، وبقي الموظفون والعاملون في الحكومة في مكاتبهم يؤدون أعمالهم المعتادة كما لم تنكس الإعلام السعودية .

     ونقلت الصحيفة عن مستشار نفطي سعودي قوله: إن النياح والعويل والصراخ أشياء غير مقبولة. وقالت الصحيفة: إنه لم يرتد أحد ثيابًا سوداء أو يرفع اعلامًا، مبينة أن هذه المظاهر تتميز بها المملكة في مثل هذه الأحداث الجلل عن كثير من دول أخرى .

     وقالت الصحيفة: إن جثمان الملك فهد حمله أبناؤه على أكتافهم إلى داخل المسجد للصلاة عليه بينما غمرت حشود المواطنين الطرقات حول المسجد مضيفة أنه بعد أداء صلاةالميت على الجثمان التي لم تستغرق سوى دقائق قليلة حمل الأبناء جثمان والدهم الملك الراحل إلى خارج المسجد؛ حيث وضعت في سيارة إسعاف نقلتها إلى المقبرة حيث حضر عملية الدفن تحت حرارة شمس مرتفعة للغاية الملك الجديد عبد الله بن عبد العزيز الذي كان يقف على حافة القبر حزينًا لحظة إنزال جثمان أخيه بالإضافة إلى أبناء الملك الراحل وأفراد العائلة المالكة من الأمراء الذكور فضلاً عن حشود ضخمة من المشيعين .

     وركزت وكالة الأسوشيتدبرس في تغطيتها لمراسيم تشييع الملك فهد على بساطة المراسيم بالرغم من مشاركة العديد من ملوك وأمراء ووجهاء العالم فيها .

     ووصفت الوكالة جو الهدوء والسكينة التي عمت الحضور عند قيام أبناء الراحل بإنزال أبيهم في مثواه الأخير لايستره سوى كفن أبيض وحتى العباءة البنية التي غطي بها الجثمان قد طويت لحظة وضع الملك في قبره . وأبدى مراسل الوكالة دهشته من بساطة القبر الذي لم يميزه شيء عن غيره من بقية القبور المجاورة سوى اللبنتين اللتين وضعتا عند رأس وقدمي الراحل .

     وتطرقت الوكالة كذلك لمراسم البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله الأربعاء 28/6/1426هـ والسلاسة التي اتسمت بها انتقال السلطة إلى الملك عبد الله وكيف أثر ذلك على استقرار أسعار النفط في العالم بالرغم من ارتفاع الطلب العالمي .

     وتحت عنوان «عاهل سعودي جديد» قالت صحيفةكريستيان ساينس مونتور «بوفاة الملك فهد انطوت حقبة شهدت فيها العلاقات الأمريكية السعودية ازدهارًا كبيرًا ودعما للقضايا الدولية الهامة!!.

     ونوهت الصحيفة بالانتقال السلس الهادئ للسلطة وأجواء الهدوء والاستقرار التي سادت العالم الذي كان يترقب بقلق بالغ أسواق النفط ويتوقع ارتفاع حاد للأسعار؛ ولكن كل ذلك تبدد من الساعات الأولى التي تلت أنباء رحيل الفهد.

     وأشارت الصحيفة إلى جهود المملكة في محاربة الإرهاب على الأصعدة كافة ومساهمتها في المحافظة على الاستقرار الدولي .

     إلى ذلك أبرزت كبريات الصحف الأمريكية وغالبية وسائل الإعلام الأخرى والمسموعة والمرئية نبأ وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز «رحمه الله» في صفحاتها الأولى وفي صدارة نشراتها الإخبارية الرئيسية وتناولت في تعليقاتها وتحليلاتها الإخبارية أبرز إنجازاته وما قدمه لبلاده وأمته وللعالم بأسره .

     وركزت وسائل الإعلام الأمريكية على وصف عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز آل سعود بأنه عهد التطوير والتحديث وتدعيم قواعد الاستقرار فيما ركزت على وصف العهد الجديد لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، بأنه عهد الاستمرار في التنمية والحفاظ على المكاسب التي تحققت للمملكة العربية السعودية داخلياً وخارجياً وتدعيم دورها كدولة رائدة في الساحتين العربية والإسلامية وأحد دعائم الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي.

     وأشادت وسائل الإعلام الأمريكية بالانتقال السلس للسلطة من خير سلف إلى خير خلف الأمر الذي يعكس مدى الاستقرار والأمن الذي تتمتع به المملكة .

     ونشرت وسائل الإعلام الأمريكية في غالبيتها سردًا لجوانب سيرة الملك الراحل والمحطات المهمة في حياته قبل توليه الحكم وبعده بداية من مشاركته في الوفد السعودي إلى مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945م الذي تم خلاله إعلان قيام منظمة الأمم المتحدة مبرزة في ذلك المناصب الرسمية التي تولاها مثل وزارة المعارف والداخلية ومنصب ولي العهد حتى توليه الملك عام 1982م واختياره للقب خادم الحرمين الشريفين .

     وتناولت وسائل الإعلام الأمريكية كذلك الدور السياسي والدبلوماسي المؤثر والمهم الذي كان يقوم به الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود «رحمه الله» على الساحتين العربية والإسلامية، والذي كان يُعد عامل استقرار مهم .. مبرزة كذلك دور المملكة العربية السعودية في عهده على صعيد استقرار أسواق الطاقة العالمية والذي جعل المملكة أكبر منتجي ومصدري النفط الذين يمكن الاعتماد عليهم على الساحة الدولية من خلال سياسة نفطية خدمت مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء .

     صحف الواشنطن بوست، ولوس انجلوس تايمز، ونيويورك تايمز، وواشنطن تايمز، وشيكاغو تربيون، وول ستريت جورنال، ويو. اس. ايه توداي، وكريستيان ساينس مونيتور، وشكاغو تايمز، وسياتل بوست، وسانت بيترسبيرج وغيرها من الصحف الأمريكية الكبرى بالإضافة إلى وكالات اسوشيتد بريس، ويونايتد بريس، ورويترز نشرت جميعها في أعدادها ونشراتها تقارير ومقالات افتتاحية ومقالات للرأي وتحليلات إخبارية تناولت فيها سيرة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وأهم إنجازاته طوال فترة حكمه التي قالت: إنه نقل خلالها المملكة العربية السعودية لتلحق بركب الدول المتقدمة نهاية القرن الميلادي الماضي وبداية القرن الحالي.

     وأشارت إلى أنه تمكن «رحمه الله» من إدخال تحديثات اجتماعية واقتصادية وعلمية وسياسية أهلت المملكة العربية السعودية لتكون في مصاف الدول المتقدمة وأهلتها للاستمرار في ذلك التقدم في المستقبل .

     وتناولت الصحف ووكالات الأنباء دور الملك فهد بن عبد العزيز في خدمة الإسلام والمسلمين وإعلانه تغيير مسمى صاحب الجلالة الذي كان يحمله إلى مسمى خادم الحرمين الشريفين كرمز على أن خدمة وحماية أبرز مقدسات الإسلام والمسلمين هي مهمته الولى والأهم .

     شبكة (سي. ان. ان) الإخبارية الأمريكية ركزت في تغطياتها لخبر وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز على إبراز مدى بساطة مظاهر الحزن ومراسم تشييع جنازة الملك الراحل التي اتبعتها المملكة العربية السعودية وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية ومدى أهمية الشخصيات العربية والإسلامية والدولية التي حضرت تلك المراسم والتي شملت العشرات من الملوك والرؤساء ورؤساء الوزارات والوزراء والشخصيات الدينية الإسلامية والتي تعكس أهمية المملكة العربية السعودية في محيطيها العربي والإسلامي وعلى الصعيدين الدولي والإقليمي .

     شبكة (سي. بي. اس) الإخبارية أشارت أيضًا إلى حجم وأهمية الشخصيات العربية والإسلامية والدولية التي شاركت في مراسم تشييع جثمان الملك الراحل فهد بن عبد العزيز «رحمه الله» وأبرزت حجم المشاركة الشعبية في تشييع الجثمان لافتة إلى امتلاء مسجد الإمام تركي بن عبد الله الذي تمت فيه الصلاة على الجثمان علاوة على الساحات المحيطة به.

     شبكتا (ايه. بي. سي) و (ام. اس. ان. بي. سي) أشارتا أيضًا إلى توافد أعداد كبيرة من الملوك والأمراء والرؤساء إلى العاصمة السعودية الرياض للمشاركة في تشييع الملك الراحل وأبرزتا في ذلك بساطة المراسم التي قالتا إنها تمت وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.

     وتناولتا بالتحليل أهم الإنجازات التي تمت في عهده – رحمه الله – متوقعتين استمرار المملكة العربية السعودية في القيام بدورها كعامل استقرار سياسي إقليمي ودولي وعامل استقرار اقتصادي فيما يتعلق بإمدادات النفط واستقرار أسواقه.

     وصدرت ردود فعل في العاصمة الأمريكية، إثر سماع خبر وفاة المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود صباح الاثنين حسب توقيت واشنطن .

     فقد جاء الخبر على نشرة الإذاعة الشعبية التي تبث على مستوى القارة الأمريكية، حيث قال المذيع إنه بوفاة الملك الفهد، يكون قد توفى واحدٌ من أقرب الأصدقاء للولايات المتحدة ، والذي عمل منذ توليه العرش في عام 1982م على بناء علاقات طيبة مع واشنطن .

     وأضافت الإذاعة ، إن المغفور له الملك فهد، قد عمل الكثير على تطوير المملكة العربية السعودية، وعلى بناء علاقات طيبة مع دول العالم وفي نفس الوقت لم يتنازل عن أي من الثوابت السعودية: «خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وفي مقدمتها قضية القدس».

     كما قالت شبكة الإذاعات «بسيفيكا» إن المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك فهد ، كان ثابتًا في مواقفه بالنسبة للثوابت السعودية ، كما أنه كان شريكاً في محاربة كان يفصل بين محاربة الاحتلال وبين الإرهاب» .

     وردًا على سؤال من «الرياض» قال د. خليل جهشان، وهو محاضر في جامعة «بيبيرداين» والرئيس السابق لـ«اللجنة الأمريكية – العربية لمكافحة التمييز» :

     «أولاً، أتقدم بالتعازي الشخصية لجميع أفراد آل سعود، وللمملكة العربية السعودية حكومة وشعبًا بوفاة المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله - .

     وأضاف د. جهشان : «لقد ساهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد منذ توليه العرش في عام 1982م، مساهمة كبيرة في تطوير المملكة العربية السعودية، وازدهارها وتوطيد العلاقات بينها وبين دول العالم كما عمل على توسيع دورها السياسي والاقتصادي ، وضمان الأمن والاستقرار للمملكة إقليميًا ودوليًا» .

     وفي رد خاص الصحيفة «الرياض» قال الأستاذ صبحي غندور ناشر مجلة «الحوار» ومدير مركز «الحوار العربي» في واشنطن العاصمة :

     «لا شك أن وفاة المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز، هي خسارة كبيرة للأمتين العربية والإسلامية ، ولشعب المملكة العربية السعودية .

     فالملك الراحل كان رائدًا للنهضة المعاصرة التي عاشتها المملكة في شتى المجالات ، المعمارية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية . وكان أيضًا خادمًا حقيقيًا للدعوة الإسلامية في مختلف أرجاء العالم . كما كان زعيمًا عربيًا فاعلاً ومساهمًا مهمًا في خدمة القضايا العربية المشتركة.

     لقد كان حرص الملك فهد – رحمه الله – على التضامن العربي موازيًا لحرصه على تعزيز التعاون والتنسيق بين دول الخليج العربي ، وهو في مسيرة قيادته أخلص العطاء والعمل لكل الدوائر المؤلفة لهوية المملكة العربية السعودية ودورها الإقليمي والعربي والدولي.

     فمن الدائرة الوطنية السعودية إلى الدائرة الخليجية إلى الدائرة العربية إلى الدائرة الإسلامية ، كلها ساحات شهدت الكثير من التقدم والتطور بفضل القيادة الحكيمة والسياسة السليمة التي إنتهجها الملك الراحل فهد بن عبد العزيز.

     إن إرادة الله تعالى هي التي قضت أن تنتقل النفس المطمئنة للملك الراحل إلى جوار خالقها «عزوجل» وهي أيضًا التي اختارت أن تكون المملكة العربية السعودية أرض الأماكن الإسلامية المقدسة ، أرض الخيرات الطبيعية وأرض الموقع الاستراتيجي الهام ، وهي كلها عناصر قوية معنوية ومادية لشعب المملكة العربية السعودية ولعموم العرب والمسلمين .

     وقال السفير الأمريكي السابق لقطر أندرو كيلغور، وهو أيضًا ناشر ومحرر «واشطن ريبورت» لـ «الرياض» :

     لم أتشرف بلقاء المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، ولكني كنت دائمًا متتبعًا لأخباره . لقد كان صديقًا للولايات المتحدة . وشهدت المملكة العربية السعودية تحت حقبة حكمه ، تطورًا كبيرًا ، سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا .

     لقد زرت «الرياض» لأول مرة عام 1962م، وكل من يزورها الآن يلاحظ مثلي التطور الذي طرأ على تلك المدينة. كما أن أحدًا لا ينكر التطورات الداخلية والدولية للمملكة العربية السعودية في حقبة حكم المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك فهد .

     كما لا يمكن غض النظر عن الدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية ، من أجل السلام في منطقة الشرق الأوسط، وفي دورها الفعال في محاربة الإرهاب ، وكلها كانت بتوجيهات المرحوم الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود .

     وقال الدكتور كلوفيس مقصود رئيس قسم «الشمال والجنوب» في الجامعة الأمريكية في واشنطن والسفير السابق لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة في حديث مع «الرياض» إن : «إرث خادم الحرمين الشريفين المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز هو تواصل والتزام المملكة العربية السعودية بثوابت هي من صلب السياسة القومية العربية والإسلامية .

     وقد تميز توليه الحكم ، مع رصيد من التجربة ، خاصة في حقول الثقافة والتربية ، الشيء الذي صقل موقعه ، بالتسرع في عملية الإصلاح ومؤسساته .

     كما أن – رحمه الله - ، عمل على ربط الالتزام القومي للقضايا العربية وفي مقدمة هذه القضايا ، القضية الفلسطينية، ومركزية القدس في الوعي العربي والإسلامي ، والذي تبلور أكثر في عام 1980م بما عُرف في حينه بـ«مشروع الأمير فهد».

     إضافة إلى ذلك ، عمل – رحمه الله – على ربط التقاليد والقيم الإسلامية بمتطلبات الشرعية الدولية . وقد كان سعيه في هذا المضمار استمرارًا للقواعد الأخلاقية للمملكة العربية السعودية وتلبيتها مع المتغيرات على المستويين الدولي والقومي.

     كما أن إسهاماته في دعم دول العالم الإسلامي ، دليلٌ على الشعور بالمسؤولية التاريخية المتميزة للمملكة العربية السعودية .

     وقد كان المغفور له خادم الحرمين الشريفين هو الذي تخلى عن صفة «جلالة الملك» وهذا يدل على تركيزه على الدور التوجيهي الذي ميز فترة حكمه .

     من جانبها استمرت الصحافة الإسبانية الصادرة يوم الأربعاء 28/6/1426هـ بإبراز نبأ وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز – رحمه الله – علاوة على قضايا الساعة الدولية مثل الوضع في العراق ومستجدات الملف الإرهابي في لندن والملف النووي الإيراني .

     وكتبت الصحف أن مراسيم الجنازة جرت في أوضاع عادية للغاية بحضور عدد كبير من قادة العالم العربي والإسلامي .. وقالت صحيفة (الباييس) أكبر الصحف تأثيرًا في اسبانيا (مراسيم جنازة عادية للملك فهد) وأوضحت رفقة صحف أخرى مثل (ا.بي. سي والموندو) أن الشعب السعودي والعربي والإسلامي ودع قائدًا كبيرًا .. وأضافت أن مراسيم الدفن كانت شأنها شأن مراسيم أي مسلم عادي وأشادت بهذه البساطة في الدفن .

     وتطرقت الصحف البلجيكية الصادرة أمس إلى مشاركة العديد من قادة الدول العربية والإسلامية والأجنبية في مراسم تشييع جثمان الملك فهد بن عبد العزيز (رحمه الله) في مقبرة العود وسط مدينة الرياض بعد الصلاة عليه في جامع الإمام تركي بن عبد الله .

     وبينت الصحف أن مبايعة الملك عبد الله وولي العهد الأمير سلطان التي أجريت أمس .

     وشددت مجددًا على الدور القيادي الذي تتمتع به المملكة وأهمية إدارتها للشؤون الإقليمية الرئيسة .

     وقالت صحيفة (ديستندار) إن عملية انتقال السلطة في الرياض تجري وفق سيناريو سليم وطبيعي وأن المملكة تبدو أكثر استقرارًا مما كان يردده البعض .

     وقالت صحيفة (تايد) من جهتها إن العديد من كبار المسؤولين الأوروبيين وفي مقدمتهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك حرصوا على التعبير عن تضامنهم مع القيادة الجديدة في المملكة .

*  *  *

*  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . شعبان – شوال 1426هـ = سبتمبر – نوفمبر 2005م ، العـدد : 8–10 ، السنـة : 29.